نحو تكامل للمعارف والعلوم في النظام التعليمي أسس نظرية وتطبيقات عملية

Abstract

تتناول الدراسة الحالية واحدة من أهم القضايا المعرفية لحوار وتكامل المواد والعلوم والمعارف؛ ذلك لأن ظروف عصر الرقمنة والثورة المعلوماتية وتضاعف العلوم والمعارف كل ثانية فرضت على النظم التعليمية المزيد من التخصصية في المواد الدراسية1، وفي الاتجاه المقابل تفرض طبيعة العمل الميدانية الالمام بشيء من كل المعارف للتكيف والمواءمة مع ظروف العصر وتحدياته وضرورات العمل الميداني2، وهو ما يفرض علينا كمتخصصين في القطاع التعليمي ومناهج وطرق التدريس حل معادلة إلمام الطالب بالمعارف والعلوم التخصصية المناسبة لمجال عمله، مع الأخذ في الاعتبار تزويده بشيء من المعارف والمعلومات اللازمة لمسايرته لباقي التخصصات المهنية التي سيتعامل معها في حياته العملية.

وتتواكب الدعوة لتكامل العلوم والمعارف استجابة للعديد من آيات القرآن الكريم في أكثر من موضع بدءًا من أول آياته نزولًا في قوله تعالى بسورة العلق(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 1 خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ 2 اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 4 عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) وهو أول أمر إلهي لرسولنا صلى الله عليه وسلم ولنا كمسلمين بالقراءة التي هي مصدر تعلم العلوم والمعارف، ويدعونا المولى عز وجل على الاستزادة من المعارف والعلوم كافة؛ حيث ورد في سورة طه قوله تعالى(وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)) وجاءت لفظة (العلم) نكرة للدلالة على كل العلوم والمعارف.

وتتناول الدراسة الحالية تأطيرًا علميًا لمفهوم تكامل المعارف والعلوم، حيث تعرض الدراسة لنشأة العلوم والمعارف وكيف تكاملت في الحضارات القديمة (الفلسفة في الحضارة اليونانية القديمة، والهندسة والطب في الحضارة الفرعونية، والرياضيات في الحضارة الهندية، والصناعة والمباني في الحضارة الصينية) مرورًا بإبداعات الأديان في مجال تكامل المعارف والعلوم؛ حيث شهدت الديانات دعوة للأخذ بالعلوم الطبيعية بجانب العلوم الإنسانية والاجتماعية، وتؤصل الدراسة لتحديات تكامل المعارف والعلوم في عصر الثورة المعلوماتية وما يرتبط بها آليات داعمة لتكامل العلوم.