1st International Conference on the Dialogue of Civilization and Tolerance
Articles

قيمة الاعتراف بنسبية الحقيقة مدخل لحوار حضاري شامل

منشور 2024-03-05

الكلمات المفتاحية

  • نسبية الحقيقة ، ,
  • القيمة ،,
  • الحوار،

كيفية الاقتباس

قيمة الاعتراف بنسبية الحقيقة مدخل لحوار حضاري شامل. (2024). International Conference on the Dialogue of Civilization and Tolerance, 1(1). https://doi.org/10.54878/ftvwaw60

الملخص

امتدت "النسبية" لتشمل مختلف العلوم في رحلة البحث عن الحقيقة، غير أن زاوية النظر إليها في هذه الورقة سينصب على المآل الذي تحققه "نسبية الحقيقة" كقيمة مؤسسة للبعد الإنساني ومحققة للبعد الحضاري. 

وعلى هذا، عدها الموضوع من القيم التي اكتست أهمية بالغة في الفكر الإنساني عموما، والإسلامي على وجه الخصوص، لما ينشأ عنها من حوار حضاري شامل. 

لم تكن هذه القيمة لتستأثر في منهج تأسيسها بالمنطق العقلي والفلسفي فقط، بل كانت أيضا من أهم الدعائم التي قام عليها الخطاب الشرعي في الإسلام، وتبناها الحوار القرءاني والنبوي، فكان من نتائج الاعتراف بها انتشار الإسلام عن طريق الحوار القائم على عرض الفكرة للمناقشة بغض النظر عن صحتها وخطئها مبدئيا، لتستقر بعد ذلك في العقول من خلال سلطان الدليل والحجة والبرهان، ثم تتحول بموجب ذلك إلى يقين راسخ في النفوس، وكل ذلك طبعا مع استصحاب سائق الحب والود المفضي إلى التعايش والتآخي. 

وهكذا اكتسبت "نسية الحقيقة" قواعد مقررة عقلا ونقلا، وأذكر من قواعدها العقلية: نسبية الكمال البشري وما ينتج عنه من نسبية في الفهوم، وتوقف العصمة على الأنبياء دون غيرهم، ولزوم الخطأ للفعل الإنساني، فكل ذلك مما استفاضت الأدلة العقلية والنقلية على إثباته، وإفضائه إلى الاعتراف بنسبية الحقيقة. 

أما قواعدها النقلية فيمكن التماسها مما قرره الفقهاء في عدم الحكم بالقطع بصواب آرائهم الاجتهادية في جزئيات الدين، فكانوا يسمونها ب: "الظنون" إشارة منهم إلى اعترافهم بهذه القيمة رهن البحث والتفتيش. فأسهم هذا الأمر كله في التخفيف من حدة التعصب للمذهب بين أهل المذاهب المختلفة. 

أما إن كان أحد طرفي الحوار على غير ملة الإسلام، فإن القواعد المقررة في الشرع أن يتم إعمال هذه القيمة في محاورته بشكل أوكد؛ بحيث يتم تغليب المشتركات الإنسانية الكونية في الحوار، واعتماد نسبية الحقيقة فيما اختلف فيه معه، تبعا للمنهج القرءاني الذي يجعل طرفي الحوار متساويين بدءا في امتلاك الحقيقة كما في قوله تعالى:"وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"، "ففي ذلك من الإنصاف ما لا يقدر قدره" - بتعبير الإمام الشوكاني-. 

إن عملية الحوار التي تنتجها البشرية عموما لا تبغي من ورائها في الغالب إلا إقناع أحد طرفي الحوار للآخر بما يراه ويتصوره حقا، ويكون للمشتركات دورها في منهج التوفيق والتقريب بين الأطراف. فكيف يمكن تقديم هذه القيمة كمشترك إنساني معرفي يبغي التوفيق بين المتحاورين؟ وإلى أي حد تمتد نتائجها لتشكل جسرا من جسور التواصل الحضاري الشامل؟ 

إن الإجابة عن هذه الأسئلة وما يتفرع عنها هو ما يشكل القضية العلمية التي تروم هذه الورقة ابتحاثها، محاولة بسط البواعث التي جعلت من "الاعتراف بنسبية الحقيقة" قيمة منضافة إلى القيم المحققة للبعد الإنساني والحضاري معا، واستحضار 

شمولية هذه القيمة لتشمل الفكر الإنساني عموما والإسلامي على وجه التخصيص، ومن ثَم، الانتهاءُ لتحرير القول في آثارها الإنسانية والحضارية، وذلك كله وفق خطة مؤسسة على محاور ثلاث: 

المحور الأول: "الاعتراف بنسبية الحقيقة": المفهوم، والأنواع 

المحور الثاني: قيمة الاعتراف بنسبية الحقيقة كمشترك إنساني معرفي 

المحور الثالث: أثر الاعتراف بنسبية الحقيقة على الإنسان والحضارة 

وتحت كل محور منها تفريعات وتقسيمات تغني الموضوع منهجيا وموضوعيا، على أن يتم في نهايته تقرير نتائج يكون أهمها الاستدلال على تسنم قيمة "الاعتراف بنسبية الحقيقة" أعلى القيم الإنسانية المحققة للحوار الحضاري، واستثمار نصوص الشرع في ذلك، وتعضيدها بالمنطق العقلي الذي تحتكم إليه الإنسانية عموما، وكذا تقرير ضرورة تأسيس الحوار على القيم جملة حتى يكون بحق عملية أخلاقية هادفة وليس مجرد تبادل للآراء. 

فإن تقرر ذلك، كان هذا النوع من الحوار أدعى لإحداث ثورة أخلاقية وقيمية في الخطاب، تبرز آثارها الإيجابية في سلوك الأفراد وفي سائر المجتمعات.